صيف بارد جدا .. وسخيف جدا

مع نهاية امتحانات السنة اللي الفاتت والتسارع السياسي اللي كان عبارة عن صدام سياسي أمني .. وإن كانت فئات أخرى ابتدت تدخل في حسابات اللعبة وتؤثر في النتايج المعتادة بشكل حاسم .. - على راسهم طبعا السلطة القضائية بما تملكه من هيبة ومكانة بداخل المجتمع المصري وخصوصا بعد صراعها المكشوف مع النظام الحاكم من أجل الحصول على مميزات طبقية وصلاحيات أكثر للمهنة !! – كنا حاسين إن الصيف دا حيكون مختلف .. مش حأقول مولع – وإن كنا بنتمنى دا – بس مختلف في طرق تفاعل الناس والشارع .. وفي المشاركة السياسية وفي المطالبة بالحقوق المشروعة والمشرعة والمنهوبة .. كان في حاجه بتقول إن في أمل في تغيير فكري على الأقل لمستويات من الشعب قادرة بعد كدا على إنها توصل لدوائر وقواعد شعبية لا يمكننا نحن التأثير فيها أو الوصول إليها من الأساس ، وإن دا كله حيخلي الحركات الشعبية تزيد وتتسع وتصبح فاعلة بشكل أو بآخر .. بس كالعادة .. طلع الحشيش مضروب !!

فمن الصراع الرئيسي بين السلطة القضائية والسلطتين التشريعية والتنفيذية ابتدت صراعات أو نقط غليان تانية تتفجر لأسباب مختلفة .. بس المهم إن نقط الغليان التانية بعيدا عن أسبابها التفت في الوقت دا حوالين القضاء والقضاة ربما كنوع من حائط السد الأخير أو من تنمية وعى مفهومي بوحدة الصف بدلا من وحدة الهدف .. على رأس الصراعات الأخرى كانت حركة (9 مارس) التي تتكون من مجموعة من أساتذة الجامعات المصرية وتهدف إلى إصلاح حال الجامعات المصرية – اللي بقت أزبل من زبالة – وتنفيذ بعض المقترحات المفترض تطبيقها في النظم الديموقراطية للحكم مثل طرد جهاز الأمن خارج الجامعة أو إبقائه في أضيق الحدود ومن غير الصلاحيات المهولة اللي متاحة له .. بالإضافة إلى أن تكون بعض المناصب داخل الحرم الجامعي كالعميد وغيره بالانتخاب بين أساتذة الفرع العلمي لا بالتعيين كما هو متبع حاليا !

كان دخول أساتذة الجامعة في الصراع مهم جدا من عدة نواحي .. فأنشطة الحركة قبل انتفاضة القضاء – اللي نزلت على مفيش برده كالعادة – كانت محصورة في قاعات المؤتمرات بالمدينة الطلابية لكى تكون معزولة عن الطلبة والطالبات وغير مؤثرة أو غير ممتدة التأثير إلى الآخر .. مرات قليلة اللي قامت فيها الحركة بوقفات احتجاجية أمام الباب الرئيسي لجامعة القاهرة وتحت القبة .. لكن مع احتكام الصراع مع القضاة خرج أساتذة الجامعة رافعين الشعارات المؤيدة للقضاة والمنددة بالنظام في مسيرة داخلية في أنحاء الحرم الجامعي مع التوقف قليلا أمام كل بوابة !!

طبعا كتير منكم سمع النصائح المعتادة اللي الناس بتقولها في شبه تمتمة كنوع من التعويذ لأبنائها قبل التعرض للحياة في الجامعة ( الجامعة مش زى المدرسة .. ودكتور الجامعة مهواش مدرس .. دكتور الجامعة ديكتاتور بلا رقيب .. إله ! إوعى تخبط يوم مع دكتور أو تعانده .. في المدرسة كنت بتطلع ميتين أم المدرس ومكنش بيعرف يعمل حاجه في الآخر .. في الجامعة عاند مع دكتور حيطلع هو ميتينك ومش حتعرف تخرج منها ! ) دا غير الحكايات اللي لازم حتقابلها عن مش عارف مين اللي عمل مش عارف إيه وبقاله 7 سنين بيسقط في المادتين اللي الدكتور الفلاني بيديهم .. إلى آخر نماذج السلطة غير المحدودة .. داخل الحرم ! كل دا .. مع الشخصية الكاسحة لقليل من الدكاترة داخل المدرج الجامعي – وأغلبهم أعضاء بالحركة - .. مع اللافتات المؤيدة للقضاء والمنددة بموقف النظام .. مع مفهوم التبادل السلمي للحكم اللي فجأة اصطدمت بيه قطاعات عريضة جدا من الشعب المصري مع نهايات العام الماضي بعد أن كانوا لا يعرفون طريقة للتداول سوى أن يموت الحاكم فيأتي ابنه أو يُغتال الرئيس فيأتي نائبه .. وتناول فكرة علاقة الحاكم والمحكوم في الإعلام بصورة مكثفة وما يجب أن تكون عليه وما هو قائم .. حتى بعض هذه الأصوات تسللت إلى الإعلام الرسمي الذي تملكه الدولة باعتباره مازال الوسيلة الأقدر على الوصول إلى أكثر القواعد الشعبية غزارة في المجتمع المصري في ظل تدني المستوى الاقتصادي والوعي الفكري والاجتماعي .. وفي غفلات تبدو مقصودة في كثير من الأحيان من القائمين عليها للإيهام باتساع هامش ومستوى الحرية إلى الحد الأقصى – وإن كان هامش الحرية ارتفع بالفعل لظروف خارجة عن إرادتهم .. ولكنه تحول إلى حرية القول .. لا الفعل
! –
Image Hosted by ImageShack.usImage Hosted by ImageShack.us
مالك مصطفى ............................................... علاء ومنال

كل هذه الخبطات والارتجاجات التي تحدث أمام المواطن البسيط اللي في حاله .. كانت بتوعدنا إحنا بحاجات متحققتش !! أو يمكن لسه مجاش وقتها .. المهم .. تالت خبطة – ودي يمكن اللي السلطة مكانتش متوقعاها أو عامله حسابها – كانت الصدام مع رواد الفضاء الإلكتروني !! وكانت برده ضمن إطار الصدمة الأعنف والرئيسية وهى معركة القضاة .. يمكن أنا من الرأى اللي بيقول إن اعتقال المدونين مكانش عشان مدوناتهم ولكن عشان نزولهم الشارع والحركة فيه – وكلنا عارفين طبعا إن دا تابوو من زمان ! - ، بس دا ميقدرش ينفي إن اعتقالهم شد انتباه بقية رواد الفضاء الإلكتروني ومنه إلى بقية الناس من خلال دعوات التظاهر من أجلهم والصور والشعارات التي انتشرت على العديد من المواقع المهمة في هذا الفضاء التخيلي .. وركزت الاهتمام بشكل كبير أوى على مدوناتهم – غير إنها كانت متركزة أصلا باعتبارهم أعضاء نشطين في مجتمع ينمو أفراده أمام شاشات الكومبيوتر .. ويتواصلون يوميا مع بعضهم البعض في مساحات حرة للهذيان .. ولكنه هذيان أكثر من مثمر ومن طارح – كما فتحت الطريق أمام عدد هائل من الأسئلة عن المدونات والمدونين والمجتمع الجديد الحى الذي ينمو بداخل مجتمع تعفن إلا قليلا .. طبعا مش حنتكلم دلوقتي عن الموضوع دا .. بس دا برده جذب ناس كتيرة للفكر السياسي وللحركة التصحيحية .. مشكلته الوحيدة إنه جذب ناس من قطاعات محددة مسبقا وتكاد تكون شبه مجذوبة لنفس الحوار من قبل عن طريق الصحافة ومؤسسات المجتمع المدنى إلى آخره ! يعني تعامل مع مستويات وعى غالبا ما تكون واعية من البداية .. وإن أصبح بعد ذلك جاذبا لها للحصول على معلومات من خلال دوره الرقابي في المجتمع واللي بتقوم بيه بعض المدونات من خلال تغطية الحدث من وجهة النظر الشخصية للكاتب بلا أى ضغوط أو تحيزات أو خطوط حمراء لمؤسسة مسئولة ! وأعتقد إن بعد خبطة المدونات والمدونين والكلام الكتير أوى اللي اتقال واتعمل عليهم بعد اعتقال بعض المدونين خلى السلطة حاليا تهتم بقياس أجواءها بشكل عام في الفترة الحالية .. نوع من جس النبض واستتباع ما يشتعل في هذا العالم الخيالي لينتقل واقعا ملموسا في الشارع ! لكن يظل الفعل الواجب لاتخاذ رد فعل مضاد هو النزول إلى الشارع .. لا كتابة

Image Hosted by ImageShack.us


ولم تكد بشاير الصيف تهل علينا حتى بادر ترزية القوانين بإشعال خبطة رابعة في رأيي أنها كانت الأعنف .. وأن السلطة مازالت إلى اللحظة تحاول لملمة ما تمت بعثرته في النفوس من جراءها وترويض المشعلين لها بالطرق المعتادة التي تلبس زيا قانونيا وإجماعا حكوميا .. فمع تعديل بعض مواد قوانين الصحافة في قانوني المطبوعات والعقوبات تحت مسمى رفع الحبس عن الصحفيين في قضايا النشر .. وما أثير حول الطعن في الذمة المالية وعدد آخر كبير من المواد .. واحتجبت في إثر القانون الجديد 24 صحيفة مصرية عن الصدور لعدد واحد يوم الأحد مستهل الإسبوع لإعلان ما يشبه وفاة الصحافة .. وبعد أن أعلنها صريحة الكاتب الكبير أحمد رجب في عموده الأكثر من مقروء نص كلمه ( تسقط الصحافة .. ويحيا الفساد ) .. وبعد أن حمل كلمته هذه مئات الصحفيين ووقفوا بها أمام مجلس الشعب ثم مشوا بلافتتاتها إلى النقابة في ظل اعتصام مفتوح هناك أعلنت عنه النقابة .. إلى أن تدخل الرئيس مشكورا – يا مِسْعفنا يا مهنينا !! – وأمر سيادته بإلغاء فقرة الحبس في عقوبة الطعن في الذمة المالية من القانون .. بعد أن غلظت الغرامة المالية في كل العقوبات بالطبع !!
Image Hosted by ImageShack.us
هنا كان النظام يفقد سيطرته تدريجيا على الأمور .. فالصحافة هى الوسيلة الأكثر سرعة وتأثيرا في تنفير الناس أو تحبيبهم في شئ .. كما أنها كيان ضارب إلى الجذور في النفسية المصرية التي تعودت أن تتلقى من خلالها الأوامر والبيانات والمقالات التحميسية .. ويفتحها القارئ كل صباح ليتأكد أن الحياة مازلت وردي أو مازلت زفت مطين على حسب نوع الجرنال اللي بيقراه .. والصحافة بدورها كوسيلة إعلامية تم اتخاذها كأدوات صراع من قبل الأطراف المختلفة أثناء المعركة القضائية .. وإن كان وقتها كل الموجه للكتابة هو السياسة المؤسسية المختلفة وتحيزاتها ومصالحها مما يجعل المعالجة تختلف بشكل كبير بين الصحف القومية والخاصة على سبيل المثال .. إلا أن في تعديل قوانين الصحافة كان هذا وترا ضاربا في المصالح الشخصية لكل العاملين في المهنة الصحفية سؤاء في صحف قومية أو خاصة .. بالطبع ظلت التحيزات المؤسسية هى الفيصل الأول والأخير فيما ينشر ولكن رغم ذلك نجد المعالجة اختلفت بشكل ما أو تقاربت وجهات النظر في بعض النقاط وإن تباعدت تماما في أخرى بين الصحف القومية والخاصة .. هذا بالإضافة إلى صدامات النظام السابقة مع ثلاث كيانات رئيسية في المجتمع كالمؤسسة القضائية وأساتذة التعليم العالي ، ورواد الإنترنت .. ثم الصحافة في النهاية .. ما شدني شخصيا في الصدام الرابع .. أنه أثناء أزمة القضاة وفرت الصحافة الخاصة تحديدا والإنترنت مساحات هائلة للمساندة وقنوات للدعم .. ولكن أثناء أزمة الصحافة لم نسمع سوى بيانات هزيلة من بعض القضاة لا تسمن ولا تغني من جوع .. عكس موقفنا إحنا كصحافة .. مع إن في النهاية اللي بيحكم علينا هما القضاة اللي إحنا أفردنالهم الجرائد والمواقع للدفاع عنهم !!

ومع بداية الصيف اختفى الحراك السياسي الشعبي اللي كان موجود .. خصوصا بعد تدخل الرئيس مبارك في موضوع الطعن في الذمة المالية اللي أسعد البعض وأحنق الكثيرين لمجرد أن نكون في دولة تأتي أوامرها بالريموت كنترول من الحاكم ليتحول أعضاء حزبه من أشد المعارضين لرفع الحبس في هذه المادة إلى مؤيدين مطيعين للأوامر برفع الحبس !! وتكرر الأمر قبلها في موضوع مشابه هو نتيجة امتحان الطالبة آلاء .. وبعد الخبطة الرابعة للنظام توقفت الدورة البرلمانية ورفعت جلساتها .. وارتفع ثمن تذكرة مترو الأنفاق ولم يهتم الناس بهذا الموضوع إلا قليلا .. ثم جاءت صدمة العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان لمدة تزيد عن 33 يوما .. وفوجئنا أيضا مع هذه الصدمة بصدمة أخرى هى المواقف المشينة في بداية العدوان والتي صدرت من النظامين المصري والسعودي وأخذت تتراجع شيئا فشيئا مع تزايد حدة وتيرة العدوان .. وفي أثناء العجز الشعبي عن المشاركة حتى في مظاهرة للتنديد بالعدوان عليها القيمة – والله لو كفاية حلفتلي على المية تجمد
المظاهرة اللي حضرتهالهم في التحرير للتنديد بالعدوان لم يزد عدد المشاركين فيها عن 250 فرد - !! كانت الحكومة المصرية – بعد أن أدركت عجزها السياسي الخارجي الكبير – تبحث عن فرصة للاستفادة من حالة البلبلة الحادثة في الشارع المصري بما يخدم مصالحها ومشروعاتها .. وبالفعل وجدت الهدف في رفع أسعار البنزين أثناء العدوان بعد أن تمت إقالة المذيعة نيرفانا من البيت بيتك بسبب إعلانها عن خبر ينوه عن رفع أسعار البنزين .. وخرج علينا المسئولون الحكوميون بعدها في كل وسائل الاتصال ليؤكدوا عدم النية في المساس بأسعار البنزين .. ولكن كيف لا يرفعونها والشعب كله ملخوم في اللي بيحصل في لبنان ومحدش فاضي يكلمهم !

ومن دلائل برود الحكومة هذا الصيف وسخافتها بشكل عام أيضا واقعتان يتعلقان بهيئة العربات المتصادمة المسماة زورا وبهتانا هيئة السكك الحديدية .. الأولى هى جراج رمسيس اللي اتبنى ب 32 مليون جنيه لحد دلوقتي وفجأة صدر قرار بهدمه – الهدم حيتكلف 5 ملايين تانيين - .. مش حندخل في أسباب الهدم اللي كل الشعب عارفها بعيدا عن الأسباب العبيطة المعلنة من تشويه الشكل الجمالي – قسّم وسمعني – للقاهرة .. ولا حنتطرق لكلام عثمان أحمد عثمان أيام ما كان وزير التخطيط في البيت بيتك .. واللي كشف كم هائل من الاستهتار وغياب الرقابة والأريحية في التعامل بين الوزارات والهيئات المختلفة .. والقدرة الهائلة على تعاطي المال العام كأى مادةٍ مخدرة ! لن نتطرق لذلك كله وسننتقل إلى ثاني واقعة وهى
حادثة تصادم القطارين والتي نتج عنها ما يقرب من 60 قتيلا .. يا بلاش !!

طبعا – زى حادثة قطار الصعيد اللي قبلها بالظبط – أقيل رئيس هيئة السكك الحديدية وتم اعتماد عدد من المليارات للتطوير وانتهى الموضوع كأن لم يكن .. وأوشك الصيف هو الآخر على الانتهاء مع هروب الحنش .. وخروج هيثم شاكر وتامر حسني من السجن إلى التجنيد .. والانطلاقة الثانية للحزب الوطني واللي المفروض – كلام جرايد قومية بقى – إن حيحصل فيها أكبر نسبة تعديلات دستورية تشهدها مصر منذ زمن – ربنا يستر – والذي يعتبره الكثيرون – كلام جرايد معارضة – فرصة ذهبية لتسليم الراية إلى جمال وتقديمه إلى دفة السفينة .. مع بعض السيناريوهات التخيلية للأحداث القادمة والتي ستنتهي ما بين فبراير و ويونيو 2007 بقيادة جمال للأسطول الوطني والدولة المصرية

وعادت المدارس والجامعات ولكن مع شهر رمضان في بداية الدراسة مما يمدد حالة الهدوء السائدة إلى ما يقرب من الشهرين تقريبا إن لم تشتعل قضايا جديدة غير متوقعة .. ولكن يبقى أثر الصدامات الأربعة وما خلفته واضحا ومنتظرا الوقت .. بالإضافة إلى الجرح العربي الممتد والذي تسببنا فيه بلبنان .. ولكن برغم هذا استطاع الحزب الحاكم - وخدمته الظروف كثيرا في هذا لا ذكاء رجاله – امتصاص القدر الأكبر من الأثر من جراء الصدامات مع الانشغال بالظروف الخارجية بنجاح كبير .. ليجئ الصيف بمثل هذا البرود .. ومثل هذه السخافة

تعليقات

المشاركات الشائعة